قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن الساعات الـ48 المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، الجارية في مدينة شرم الشيخ المصرية، وسط ضغوط أميركية متصاعدة للتوصل إلى اتفاق أولي يشمل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تمهيدًا لمرحلة سياسية جديدة في غزة.
وأوضحت المصادر أن واشنطن دخلت على خط المفاوضات بعمق خلال اليومين الماضيين، بعدما تلقت إشارات إيجابية من القاهرة والدوحة حول وجود أرضية يمكن البناء عليها. وأضافت أن هذه المرة، "اختارت الإدارة الأميركية العمل خلف الكواليس لتجنب إفشال التقدم الهش"، مؤكدة أن الحراك الدبلوماسي الأخير شمل اجتماعات منفصلة بين الوفود الوسيطة المصرية والقطرية وممثلي حماس والجانب الإسرائيلي لبحث خطوط الانسحاب الميدانية وضمانات التنفيذ.
ومن أبرز التطورات التي رصدها الجانب الفلسطيني، وصول جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، مبعوثَي الرئيس الأميركي، إلى شرم الشيخ، في خطوة رأت فيها المصادر "إشارة واضحة إلى أن المفاوضات بلغت مراحلها النهائية"، حيث يرتبط حضورهما عادة بـ"صياغة التفاهمات النهائية ووضع الضمانات الأميركية".
خطة ترامب وملامح الاتفاق
وتستند المفاوضات إلى خطة ترامب ذات النقاط العشرين، التي أعلنها في 29 سبتمبر، وتتضمن وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وتبادلًا متزامنًا للأسرى والرهائن، وانسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من غزة، يليها تشكيل مجلس سلام دولي يتولى إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة إعمار القطاع.
وفي مطلع أكتوبر، أعلنت حركة حماس موافقتها المبدئية على الخطة واستعدادها لتسليم جميع المحتجزين الإسرائيليين "أحياء وأمواتًا" دفعة واحدة، مقابل اتفاق يضمن إنهاء الحرب نهائيًا ورفع الحصار عن غزة.
ضغوط أميركية على نتنياهو
وقالت مصادر فلسطينية إن الإدارة الأميركية مارست خلال الساعات الأخيرة ضغوطًا مباشرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن ترامب نقل له شخصيًا "رسالة واضحة" خلال لقائهما الأخير في واشنطن، مفادها أن "الاستمرار في الحرب لم يعد يخدم المصالح الأميركية أو الإسرائيلية".
وذكرت المصادر أن واشنطن أبدت استعدادها لتقديم ضمانات أمنية وسياسية لجميع الأطراف، بما فيها حماس والدول العربية، شريطة الالتزام الكامل ببنود الاتفاق الأولي، موضحة أن هذه الضمانات تشمل إشرافًا دوليًا على تنفيذ وقف إطلاق النار، وجدولًا زمنيًا محددًا للانسحاب الإسرائيلي، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون قيود.
سباق مع الزمن
وقالت المصادر إن الأجواء العامة في شرم الشيخ تتسم بـ"تفاؤل حذر"، حيث تدرك جميع الأطراف حساسية المرحلة وتعقيد القضايا المطروحة، خصوصًا ترتيبات الانسحاب وآلية تبادل الأسرى. وأكدت أن الوفد الفلسطيني أبدى مرونة كبيرة مقابل ضمانات واضحة، في حين يواصل الوسطاء المصريون والقطريون جهودهم لتقريب وجهات النظر.
وأضاف مصدر فلسطيني: "ما يجري في شرم الشيخ اليوم هو سباق مع الزمن، فهناك رغبة حقيقية لدى الأطراف العربية في إنهاء الحرب، وواشنطن تدرك أن استمرارها سيؤثر على مصالحها في المنطقة."
ورغم الأجواء الإيجابية، تُجمع المصادر على أن الاختبار الحقيقي لن يكون في التوقيع على الاتفاق، بل في آلية تنفيذه ميدانيًا، ومدى التزام إسرائيل بالانسحاب التدريجي، وضمان عدم عودة التصعيد العسكري.
وبينما يستمر السباق الدبلوماسي على ضفاف البحر الأحمر، تبقى الأنظار معلّقة على ما إذا كانت الساعات الـ48 المقبلة ستفتح الباب أمام نهاية الحرب في غزة، أم أنها ستضاف إلى قائمة المحاولات التي انتهت دون اتفاق.